معالج NVIDIA H100 .. المعالج الأسطوري
تعد تقنية نفيديا H100 إحدى الابتكارات الجديدة والمثيرة في مجال تقنية المعالجة الرسومية (GPU) التي قدمتها شركة نفيديا. تعتبر H100 جزءًا من سلسلة حلول التعلم العميق والذكاء الاصطناعي، وهي تقدم قوة حسابية هائلة وأداءً متميزًا يلبي متطلبات التطبيقات الحديثة.من هي “نفيديا”؟
هي شركة تصميم معالجات وبطاقات رسوميات أميركية، وهي تفوض أطرافاً آخرين للقيام بمهمة تصنيع شرائحها، ويقع مقرها في سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة. ورغم وجود الكثير من الشركات المنافسة لها مثل إنتل وAMD، تمكنت إنفيديا من الاستحواذ على حصة 95 بالمئة من سوق المعالجات الرسومية، لاستخدامات الذكاء الاصطناعي وفقاً لـNew Street Research، وذلك بفضل تطور قدرات المنتجات التي تطرحها في هذا المجال، وقد أعلنت مراراً أنها تريد أن تجعل من الذكاء الاصطناعي أسرع بنسبة تزيد على مليون بالمئة، مقارنة بالسرعات المتوفرة حالياً.
NVIDIA H100 Tensor Core: ما هو؟
ربما يكون أفضل وأهم شيء نبدأ به تقريرنا هذا بعد توضيح ماذا يحدث على الصعيد السياسي، هو أن نوضح لكم الجانب التقني (وخصوصا لغير المتخصصين) في مجال الإلكترونيات، ماهو هذا الشيء أصلا .. وما هي وظيفته .. لذا لنعرف معا
((ماهو معالج GPU NVIDIA H100 Tensor Core؟))
ولنقسم الأمر هنا بين:
التينسور كور Tensor Core
وبين الجي بي يو GPU
فالمقصود بالتينسور كورز Tensor Cores هنا هو الوحدة المسئولة عن تسريع عمل المعالج مع الحفاظ في الوقت نفسه على دقته في الأداء، ويحظي المعالج NVIDIA H100 بأحدث جيل من التيسنور كورز Tensor Cores (الجيل الرابع) والتي تجعل منه أسرع من أي معالج في العالم.
من خلال التينسور كورز يستطيع معالج NVIDIA H100 أن يقوم بتنفيذ مجموعة أوسع من مهام الذكاء الاصطناعي AI والحوسبة عالية الأداء (HPC)، وكذلك فإنه يؤديها بسرعات تصل إلي أضعاف مضاعفة لسرعة المعالجات المنافسة له، هذه السرعة الهائلة تعني الكثير.
أما الجي بي يو GPU فتعد واحدة من أهم تقنيات الحوسبة في عالم اليوم، فهي الوحدة المسئولة عن تشغيل ومعالجة الرسوميات، إنها المسؤولة عن تشغيل الألعاب، إنشاء المحتوى، التعلم الآلي، والمزيد والكثير من الأشياء.
أسلوب بناء المعالج NVIDIA H100:
أسلوب البناء أو Architecture باللغة الإنجليزية هو الميزة الأساسية للمعالج NVIDIA H100، فهناك الكثير من الشركات في العالم –وكثير منها شركات صينية تبني معالجات تستخدمونها أنتم أنفسكم، فالحاسوب أو جهاز الهاتف الذكي الذي تقرأ منه هذا التقرير يستخدم معالج-.
الفارق هنا في أسلوب البناء الذي يستهدف بناء معالج يعمل للتصدي والتعامل مع تقنيات الحوسبة المتسارعة، معالج يستطيع أن يقوم بأشياء تتجاوز بكثير قدرات الحواسيب والهواتف العادية مهما بلغ تطورها.
فإذا كان معالج هاتفك علي سبيل المثال، يستطيع بكفاءة جعلك تلعب بهاتفك لعبة حربية مثلا تنطلق فيها الصواريخ لتدمير أهدافها، فإن معالج NVIDIA H100 ستكون مهمته أن يستطيع وبكفاءة جعل المصانع تنتج صواريخ حقيقية للقتال بين الدول، بل وتطوير وتحسين قدرات تلك الصواريخ.
وإذا كان هاتفك يستطيع بكفاءة أن يسجل بيانات جهات الاتصال لديك بفضل المعالج المزود به، فإن معالج NVIDIA H100 بني بأسلوب بناء تسميه شركة إنفيديا NVIDIA Hopper GPU، لكي يشغل الأجهزة التي تخزن بيانات المستخدمين لتطبيقات يستعملها مليارات البشر، مثل الأجهزة والسيرفرات الخاصة بتطبيقات التواصل الاجتماعي.
لذا فإن معالج NVIDIA H100 جاء ليلبي الحاجات الجديدة، الذكاء الاصطناعي الذي يزيد تعقيدا يوما بعد يوم، احتياجات الحوسبة العملاقة، الحاجة الماسة لتحليل كميات هائلة من البيانات، احتياج العلماء والمهندسين لاستخدام أشياء أكثر تطورا، وغير ذلك من الأشياء الهائلة التي تتطلب بالمثل إمكانيات هائلة للعمل بسرعة فائقة.ما الذي يتميز به معالج NVIDIA H100:
بالطبع سيكون أول سؤال يدور بذهنكم جميعا .. ما هو الشيء الفريد والمميز في معالج إنفيديا H100 جعل الولايات المتحدة تجبر الشركة المصنعة له أن تمنعه عن الصين؟… هناك معالجات أخرى يمكنها تنفيذ هذه المهام، ومنها ما هو متاح في السوق العالمي بالفعل.
نحن نتحدث عن معالج يقدم أداء استثنائي بالفعل، كما أنه يتميز بمستويات أمان عالية أكثر من بقية المعالجات المنافسة له، وبدون الكثير من الإطراء عن المعالج، فإننا لن نبالغ عندما نقول أن معالج NVIDIA H100 قد نقل العالم إلي عصر جديد من الأداء.
ولنقتبس هنا ما نشرته المجلة الأمريكية الشهيرة (فوربس) عن معالج إنفيديا H100 في تقرير لها بتاريخ نوفمبر 2022 قالت فيه أن (أداء المعالج حطم كل المعايير الخاصة بالتعلم الآلي).
كان ذلك الاختبار على مقياس يسمي MLPerf Inference 2.1، إنه مقياس دولى لمجموعة من المعايير التي تحدد مدى سرعة الأنظمة الجديدة في معالجة المعلومات والمدخلات وتحقيق النتائج المطلوبة منها.
في هذا الاختبار حطم المعالج NVIDIA H100 جميع الأرقام القياسية السابقة، ووضع أرقاما قياسية جديدة، لكن الأهم من ذلك أن هذا الاختبار ليس من تصميم شركة إنفيديا المصنعة للمعالج، والتي تسيطر على صناعة النماذج الاختبارية للمعالجات، مما أعطاه الكثير من المصداقية.
قد يبدو الكلام هنا يحتاج إلي بعض التوضيح ..
لذا لنوضح أولا وببساطة شديدة، أن التعلم الآلي هو فرع من أهم فروع الذكاء الاصطناعي AI، ويعمل على أن تستطيع الأنظمة التي تعمل بها الأجهزة الحديثة (من الهواتف الذكية حتى أنظمة الأسلحة المتطورة) أن تتعلم أو تحسن أدائها بناء على البيانات التي تستهلكها أو تحصل عليها نتيجة تجاربها السابقة. وبطريقة أسهل للأذهان، إنه الشيء الذي يجعل الآلة تتعلم لتعطينا أداء أفضل.
إذن اثبت معالج إنفيديا H100 أنه يستطيع أن يعطي أفضل النتائج بالنسبة للتعلم الآلي، هذا يا سادة ليس مجرد أشياء تتم في المعامل والمختبرات، بل إنها لها فوائدها التي لا تصدق على أرض الواقع.
فالتعلم الآلي حاليا له استخدامات في مجالات الرعاية الصحية، الإنترنت، السيارات ذاتية القيادة، صناعة الأسلحة العالية التطور، الصناعة، الصحافة، وغيرها من المجالات .. لذا فإن أي جهاز سيعمل بالمعالج إنفيديا H100 سيكون قادرا على إعطاء أفضل النتائج في كل هذه المجالات المهمة.
إذن فنحن لا نتحدث عن معالج يستخدم في تشغيل حاسوب عادي، بل عن معالج يستخدم في أحدث المصانع التي تعمل بالروبوتات، في المستشفيات، في أشياء تحتاجها الدول والشركات الكبرى لتحقيق معدلات إنتاج أفضل، ولإنتاج أشياء أكثر تطورا ورقيا، وبالتالي أغلى ثمنا وأكثر موثوقية.
لكن مهلا.. فهذه ليست ميزة NVIDIA H100 الوحيدة، أو بالأحرى لنقل أنه ليس المعالج الوحيد الذي يقدم مثل هذه المهام، فهناك مثله.
كلمة السر هنا يا سادة هي (السرعة)، فهذا المعالج الأسطوري أسرع 30 مرة على الأقل مقارنة بالجيل السابق له، هذا يجعل الذكاء الاصطناعي أسرع 30 مرة في التعلم.. ونترك لكم تخيل نتيجة ذلك في عالم الصناعة. لعلنا الآن نفهم وبوضوح لماذا لا تريد الولايات المتحدة أن تعطي للصين درة تاج المعالجات NVIDIA H100 أفضل ما أنتجه العقل البشري في هذا المجال.
لكن ما رأيكم أن نضرب مثالا عمليا؟.
هناك مصطلح يسمي (الإكساسكيل)، ويقصد به القوة التي توفرها الأجيال القادمة من اجهزة الكمبيوتر الخارقة.
فمثلا يمكن للآلات الإكساسكيل إجراء كوينتيليون (مليار مليار) عملية حسابية في الثانية الواحدة. هذا أقوى ب11 مرة تقريبًا من قدرة حاسوب Sunway TaihuLight في الصين وهو أسرع جهاز كمبيوتر مستخدم اليوم.
تخيلوا حوسبة الإكساسكيل كطاقة تساوي ما يقرب من 50 مليون جهاز كمبيوتر محمول مرتبطة ببعضها البعض !!!.
هذه الأجهزة لم تنتج حتى يومنا هذا وكل ما لدي العالم منها هو جهاز واحد فقط، ولكن هناك سباق عالمي محموم من أجل الوصول إليه بأعداد كبيرة، إنها أمل كبير للعلماء ينتظرونه من أجل تسريع كل شيء في عالمنا من إنتاج الدواء، التخطيط الزراعي، تحلية المياه، رصد التغيرات البيئية، توقع أحوال الطقس لسنوات، تحليه مياه البحر، وغير ذلك.
هناك اعتقاد أنه للوصول إلي حوسبة الإكساسكيل سيكفي توصيل ما قدره (256 معالج NVIDIA H100) وهو رقم ليس بالكبير، لذا يبدو الأمر أكثر منطقية الآن، لا يريد الأمريكيين أن يعطوا لنظرائهم الصينيين أداة بل قل إذا شئت حجر أساس في بناء حوسبة الإكساسكيل.في الصورة OLCF-5، المصنف بإعتباره أول كمبيوتر إكساسكيل في العالم، هذا الحاسوب موجود في مختبر أوك ردج الوطني في مدينة أمريكية صغيرة تدعى أوك ريدج بولاية تينيسي الأمريكية، OLCF at ORNL، Attribution (CC BY 2.0) via Flickr.
هل تريدون مثالا آخر؟ …
بالطبع ينتبه العالم منذ فترة لما يعرف باسم دردشة جي بي تي (بالإنجليزية: ChatGPT)، إنه روبوت دردشة من تطوير شركة أوبن أيه آي الأمريكية، البرنامج يعتمد على الذكاء الاصطناعي للإجابة على أسئلة المستخدم.
هذا الروبوت يمكنه أن يجيبك على الكثير من الأسئلة، يكتب لك المقالات، يصيغ لك رسائل البريد الإلكتروني لمراسلات الشركات الرسمية، وقد جذب الأنظار إليه بقدراته حتى صار أسرع التطبيقات نموا في التاريخ بحسب وكالة أنباء رويترز.
هذا الروبوت، يحتاج لتشغيله معالجات قوية مثل NVIDIA H100، وهو الآن يستخدم معالجات أقل قدرة منه، لذا فلنا أن نتخيل أنه وعندما يستخدم هذا المعالج سيتحسن أكثر فأكثر ويصبح أكثر فعالية ودقة وسرعة.
هذه هي نوعية الأشياء التي من الممكن أن يقدمها NVIDIA H100.
ميزة أخرى تقول شركة إنفيديا أنها ستمنحها لمن يشتري معالجها NVIDIA H100، وهي خدمات دعم ما بعد البيع لمدة خمس سنوات، وتقديم برامج من إنتاجها الخاص تحسن من أداء الذكاء الاصطناعي لدي العميل.
هذه الميزة مهمة للغاية لأنها تضمن للمؤسسات وحتى للدول التي تريد شراء المعالج NVIDIA H100 الوصول إلي أدوات الذكاء الاصطناعي التي تتناسب مع هذا المعالج المتطور ما يساعدها علي إستخدامه بأفضل صورة ممكنة.